العلاج بالقرآن والرقى والأدعية الشرعية أمر مشروع لا شك فيه، وإذا ما استعمل استعمالاً شرعياً وقويت الأسباب وضعفت أو انتفت الموانع فإنه بإذن الله مؤثر نافع، وقد صح عن النبي[ أنه رقى ورقي وأمر بالاسترقاء لأبناء جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنه – وصح أيضاً أن أبا سعيد الخدري رقى سيد قوم لدغته عقرب بالفاتحة فشفاه الله، فلما سأل النبي[ قال: «وما يدريك أنها رقية؟ قد أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهماً»، وضحك رسول الله[ . رواه البخاري. والله سبحانه وتعالى يقول: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} (الإسراء: 82)، ويقول سبحانه: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} (فصلت:44)، هذا أمر لا شك فيه، لكن الرقى قد ضبطها العلماء بضوابط باستقرائهم للنصوص، فمن الضوابط: أن تكون من القرآن أو السنة أو الأدعية الصحيحة التي لا تخالف الشرع، وأن تكون باللغة العربية، وهذا الضابط أطلقه بعضهم قيده بمن يحسنها، وأن يعتقد أنها سبب، ولا يعتقد أنها مؤثرة بذاتها؛ حتى لا يتعلق قلبه إلا بالله – عز وجل – وأنه وحده الشافي سبحانه، وأنه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه – تبارك وتعالى -، ومما يدل على أنه لا بد في الرقى من موافقة الشرع أن أصحاب رسول الله[ سألوه: أرأيت رقى كنا نرتقي بها في الجاهلية؟ فقال: «اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً»، والذين اشترطوا كونها بالعربية قالوا: لئلا يكون فيها شيء من الطلاسم والشعوذة؛ لهذا عبر بعضهم عن هذا الشرط بقوله: أن تكون بكلام مفهوم، والمعنى واحد؛ فالمقصود أن الرقية الجائزة، بل المأمور بها هي ما كانت بأدعية معروفة مفهومة اللفظ والمعنى ولم يعتقد متعاطيها أنها تؤثر بذاتها.
أما ما وقع السؤال عنه من استغلال بعض ضعاف النفوس للناس بتظاهرهم بالصلاح والمداواة بالقرآن, وهم إنما يقومون بالسحر والشعوذة ويرتكبون أعمالاً شركية، فهذا أمر محرم وقد يصل إلى الكفر, والواجب على من علم ذلك عنهم أن يبلغ ولاة الأمور، وعلى ولاة الأمر أن يأخذوا على أيدي هؤلاء, وأن يقطعوا دابر الفساد، وأما عامة الناس فالواجب عليهم الحرص والتحري وعدم الاغترار بالمظاهر، فينظر في الرجل الذي يرقيه والدعاء الذي يقوله، ويسبر حال الرجل, فإن ظهر من الرجل ما يرتاب منه فالواجب عليه تركه وعدم الاغترار به، وإن علم أنه يتعاطى السحر أو الشعوذة أو يتعامل مع الجن وجب عليه إبلاغ الجهات المختصة ليقوموا باللازم تجاههم.